«الصحافة كنز لا يفنى». الصحافة وعاء تاريخي وجغرافي ممتد منذ ألف باء الصحافة حتى عصرنا الراهن، بكل صورها وأشكالها وأنماطها وتطوراتها وتصوراتها وصورها وكلماتها. الصحافة عالم من الأرشيف المليء بالأحداث والأحاديث، بالحكايات والحياكات، بالمعلومات والتعليمات، وبكل ما له صلة بالتسجيل والرصد والتوثيق في الزمان والمكان.
الصحافة صفحة حضارية في تاريخ الأمم والشعوب، من صفاتها اصطفاء اللحظات الحاسمة لتسليط الضوء على أهم أخبار وأحداث الخريطة الجغرافية التي تنتمي إليها الوسيلة الإعلامية في الأزمنة والأمكنة المعنية بها، متنقلة في رصدها وتوثيقها بين الأزمنة الكونية الثلاثة (الماضي، الحاضر، المستقبل)، لتكون مرجعاً للباحثين والدارسين والمؤرخين وعموم المثقفين.
على ضوء ذلك، أصدرت «هيئة البحث والمتابعة» التابعة لحكومة رأس الخيمة، في شهر ديسمبر من عام 2004، العدد الأول من المجلة التوثيقية (رأس الخيمة في ذاكرة الصحافة)، مستندة في مسيرتها ومهمتها إلى هيئة تحرير مكونة من أ. د. حسن حمدان العلكيم، فاطمة أحمد المتابع، عائشة محمد بن ديَّة، وليد علي الشامسي، منطلقة من رؤية استراتيجية ثابتة ثاقبة: عندما يتحجر الزمن، ليصف لنا أبرز الأحداث والأعمال العظيمة على أرض دولة الإمارات بصفة عامة، ورأس الخيمة بصفة خاصة، ويتباهى الجميع بما تحقق من تقدم وإنجاز عريق، فسيكون هذا الرصد من المراجع المهمة، ليحكي لنا عن مسيرة هذه الإمارة، وتقدمها في ظل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وحكومة رأس الخيمة، ويهدف إلى رصد الأحداث والأنشطة الشهرية للإمارة بكل مصداقية وحياد، لتزويد الباحث والمستثمر ومتخذ القرار بأحدث البيانات اللازمة.
هكذا انطلقت تلك المجلة التوثيقية في الذكرى الوطنية (ال 33) لدولة الإمارات، مشتملة على عدة محطات صحافية أرشيفية، بحسب تاريخ ومكان النشر الصحافي.. وهكذا توقفت تلك المجلة الأرشيفية عن الصدور بعد سنة ونصف تقريباً من إضاءتها للمشهد الثقافي الإعلامي الإماراتي العام، ورأس الخيمة بصفة خاصة، تزامناً منطقياً ونتيجةً حتمية لإلغاء «هيئة البحث والمتابعة» بموجب المرسوم الأميري الصادر في شهر ديسمبر 2006.
والآن، وبما أن من أهداف «مركز الدراسات والوثائق» التابع لدائرة الآثار والمتاحف، (تقديم الخدمات البحثية والمرجعية للدارسين والباحثين، ومساعدتهم على الوصول إلى ما يتعلق بمواضيع بحوثهم)، ومن مهامه وواجباته (جمع الوثائق التاريخية التي تهم إمارة رأس الخيمة وحفظها وتنسيقها)، فلم لا يقوم المركز بإحياء تلك المجلة من جديد، لتكون مرجعاً مهماً للسائلين من الدارسين والباحثين؟!
جريدة الخليج