نعلم أن تلك الحرب أنشأت وضعاً دولياً جديداً من سماته نهضة حركات التحرر الوطني والقومي في البلدان الخاضعة لسيطرة الإمبراطوريات الاستعمارية التي كانت طرفاً في الحرب التي دامت سنوات، ووجدت شعوب البلدان الناشدة للحرية والاستقلال الوطني نفسها أمام مهام تتصل بنهضتها ورقيها بعد قرون من التهميش.
وسلامة موسى ليس فقط أحد أبرز دعاة هذه النهضة، مصرياً وعربياً، وإنما يمكن اعتباره أيضاً أحد أهم راسمي خريطة طريق النهضة المنشودة، من خلال مؤلفاته التي ستظل تعيش لأجيال، ليس فقط لأهميتها، وإنما لأن المهام التي كانت مطروحة في زمنه، ما زالت قائمة، لسبب بسيط ومهم في الآن نفسه، هو أننا لم نصغ إلى ما قاله هو ومن كانوا من معدنه وحملة رؤيته، وانسقنا نحو الرؤية النقيضة.
كان تعويل الرجل على التنشئة الثقافية بمبادئ التقدم والتنوير كبيراً، لذا نراه في هذا الكتاب يتحدث عن عشرة كتب أعتقد أنها تنقصنا، وحرص على تسمية موضوعاتها، لأنه كان يطالب إما بتأليف مثل هذه الكتب أو ترجمتها من اللغات الأجنبية إن تعذّر التأليف، لأن «كتبنا ليست كافية الكفاية التامة لتخريج الإنسان العصري»، حسب قوله.
الكتب العشرة التي اقترحها موسى هي: كتاب عن التطور نعتمد في أمثلته على تاريخ الأمم القديمة في الشرق العربي، وكيف نشأت الحضارات القديمة ولماذا تدهورت؟ والكتاب الثاني هو «تطوّر التاريخ البشري» للدكتور اليت سميث الذي كان لفترة أستاذ التشريح في كلية الطب بالقصر العيني، والكتاب الثالث، الذي أراده مترجماً أيضاً، هو موجز مجلدات «الغصن الذهبي» لمؤلفه فريزر، الذي يتناول كيف ضلّ العقل البشري وكيف اهتدى، والكتاب الرابع هو «خلاصة التاريخ» لويلز، مع أنه فضلّ تأليف كتاب يضارعه أو يفضله، والكتاب الخامس الذي ينقص المكتبة العربية هو كتاب جيبون عن تاريخ الدولة الرومانية.
الكتب الخمسة الباقية هي على التوالي: ترجمة حياة ليوناردو دافنشي، كتاب عن تاريخ الطب، كتاب عن تاريخ الثورة الفرنسية، كتاب عن تاريخ مصر، أما الكتاب العاشر والأخير فيجب أن يكون عن الحرب الكونية الثانية: مقدماتها ونتائجها.
جريدة الخليج