من دماثة الخلق البحث عن تعبير أفضل، فليس من اللائق وصف المثقفين بأنهم يستهينون بما يحدث. نحن قاب معادلتين خوارزميتين أو أدنى، من نهاية عصور ثقافية وبداية عصر ثقافي مختلف. نحن نشهد الخطوة الأولى على طريق مليون ميل من عوالم إبداعية لم يتصورها خيال علمي في فضاءات الفنون. بدأت الآلة الذكية، التي يرميها بعض كبار العلماء بأنها غبية جداً، تكتب الشعر، تضع ألحانه، تؤلف الموسيقى السيمفونية، تنتج المسرح، كل هذه المواهب وهي لا تزال تحبو.
لكن، حذار الإفراط في التقليل من خوارق التطور، فإن سرعته أكثر من مذهلة. مثلاً:حتى سنتين وربما سنة، كان غير متصور علمياً وتقانياً صنع حجم صغير للحاسوب الكوانتومي، لكونه يتطلب ثلاجات عملاقة ارتفاعها ثلاثة أمتار وتحصينات وتعقيدات جبارة وميزانيات كبيرة. كان تخيل حاسوب كمّي حتى ببضعة أضعاف الحاسوب المكتبي الشخصي خبلاً وهراء. الآن نرى تجارب لنماذج كأنها «لابتوب» كبير. انتظروا المفاجآت. الإنجازات الكبرى ستنعكس ظلالها على الحياة العامة. أحدث حاسوب كوانتومي صيني أسرع عشرة ملايين مرة من عملاق «جوجل». قادر في جزء من الألف من الثانية على إجراء عملية يحتاج لحلها أقوى حاسوب عادي إلى ثلاثين مليار سنة! إذا لم يكن هذا في حد ذاته مستقبلاً مختلفاً لمفاهيم الثقافة، فما مفهوم الثقافة وآفاقها؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الإطارية: تغيير النموذج الفكري الثقافي هو أن نضع في الحسبان أن هذه الآلات العملاقة الخارقة ستغدو إمكاناتها، أو بعضها، في متناول العموم بعد نصف قرن أو قرن.
قفزات الإطار الفكري الثقافي
جريدة الخليج