غاب القاص والشاعر عبدالله صقر عن الإصدار الأدبي مدة طويلة، منتقلاً من دراما القصص إلى دراما ملاعب القدم وتدريب المنتخبات، كأن القصة القصيرة والكرة المستديرة كائنان أدبيان، فيهما المعنى ذاته من ناحية الصراع وحل المشكلة مع الأطراف بين المتعة والشغب، ولكن حنينه جذبه إلى ملعب الأدب، ليعود قبل أسابيع بتوقيع نصوصه الجديدة «قطع مظلمة من الليل».. سافرت به «البيان» في رحلة قصيرة بين سيرته الأدبية والكروية، وفتحت باباً على غيابه الأدبي وعودته الأنيقة..
عبدالله صقر، القاص ومدرب منتخب كرة القدم، بعد مجموعتك القصصية «الخشبة» عام 1975م، ما الذي دفعك للانخراط في عالم الكرة، إلى درجة حصولك على جميع رخص الاتحاد الآسيوي مع النجمة الفضية، تحدث عن هذه الفترة؟
في الأساس كنتُ لاعباً لكرة القدم. بدايتي في الأحياء، ثم شاركت مع العديد من أصدقائي وإخواني في تأسيس نادي دبي الذي تحول إلى نادي الشباب في ما بعد. بَعْدَ تركي اللعب قررت العمل في التدريب والتخصص فيه، واتخذته حرفة منذ 1984م، وبداية احترافي كانت في نادي النصر.
انطلقت ودربت النصر والأهلي على مستوى المراحل العمرية، ودخلت دورات تدريبية في إنجلترا 1980م، وألمانيا الشرقية 1985م، وألمانيا الغربية 1987م، ومجموعة دورات وانطلاقات أخرى، فمتى تجد انطلاقتك الثقافية الجديدة كما الرياضية؟
الحقيقة الكرة أخذت مني الكثير كما أعطتني الكثير، ولكن إلى جانب كل ذلك، كنت أكتب وأطلع وأتحاور مع بعض من يحملون شغف الكلمة، ولذلك أشعر بأن انطلاقتي ما زالت مستمرة وتضيء طريق الكتابة لدي على الدوام.
في عام 1968م، وفي جزيرة داس بالتحديد، كتبتَ قصة طويلة، وأنت لم تكمل السادسة عشرة من عمرك، وقبلها كانت لديك محاولة من قصاصات، حدثنا عن تجربتك هذه، والتي تبدو ملهمة لشباب المدارس والجامعات هذه الأيام.
كانت بداية كتابتي للقصة في جزيرة داس، وقت رحلات الصيد البحرية. كانت القصة تقريرية مجردة، كما كنتُ أشاهد الأفلام العربية على شاشة التلفزيون، ولكن الأحداث من خيالي. تعلمتُ من التجربة كثيراً واطلعتُ على الكثير خلال عودتي النهائية من السفر، وأصبح لي أسلوبي الخاص تقريباً.
نشأت في عائلة تقرأ، ووالدك كان يقرض الشعر، كيف تشكلت علاقتك بالإبداع في رحلاتك الطفولية الصيفية نحو البحر والجزر الخليجية الغنية بالصيد؟ وماذا أضافت لإبداعك؟
نشرت لوالدي رحمة الله عليه في ديواني بعضاً من أشعاره. علاقتي جميلة به وقد شاركته حينما قل نظره في قَصّ القرآن الكريم وهو كان من حفظته. أما بقية أهلي فهم أيضاً من الحفظة والمعتدين بقراء الكتب المتنوعة. في «اللنش» كانت عند أخي الأكبر مجموعة كتب، قرأت فيها عشرات المرات بسبب وفرة الوقت حينما نكون في عرض البحر.
هل يملك الشاعر فعلاً، وعياً شرساً يخرج منذ نصوصه الأولى؟
يسبق ذلك الوعي الانعكاسات كافة الممزوجة بالسلب والإيجاب، خلال مشروع تأسيسه كمُلْهِم لجنس كتابته، ويبدأ ويتبين ذلك الوعي من خلال التصفية الذهنية لسلبية الانعكاسات تلك. وتظل استعداداته الفكرية منطلقة لتلك الفروق والاختلافات والمستويات لهذا الوعي.
يجادلون بأن عالم الأدب وكرة القدم كواكب مختلفة، ولكن مجموعة من المؤلفين المشهورين ثبت اجتماعهم في ملاعب الكرة.. فهل تعتقد بأن الكتابة والكرة لعبتان، أو طريقتان للهرب من واقع الحياة اليومية؟
بالفعل كوكب الأدب يظل حالة متفردة، وهو ليس تسلية خاصة بالتأكيد، ويقود أمة، وأظن أن بعض الأدباء صيتهم يعلو كثيراً على رؤساء بعض الدول في التأثير. العديد من المدربين واللاعبين في أوروبا أدباء وكُتّاب قصة، وكذلك من الأدباء من شغل مناصب كروية، ويظل الهاجس الإنساني قائداً لأبناء الكوكبين، في التصاق حقيقي بواقع الحياة.
هل يمكن أن تكتب يوماً ما يمكن تسميته أدب كرة القدم، شيء نستكشف فيه مكانة الرياضة في الثقافة على مستوى أعمق؟
فكرت في وضع سيناريو لفيديوهات قصيرة تشجع على ممارسة اللعبة، كوني مهتماً بالرسوم المتحركة والرسم عموماً، وهي مهارة شخصية خفية على الساحة الأدبية تقريباً، يعرفها المتابعون لي على حسابي في «إنستغرام».
جريدة البيان