ونادرة هي المرات التي تلتفت فيها الدول إلى رموزها الأدبية والفنية، حين يتصل الأمر بالصور التي توضع على عملاتها، فالعادة الغالبة هي وضع صور الزعماء السياسيين، خاصة أولئك الذين يمثلون أهمية تاريخية في حياة شعوب هذه البلدان، مع أن بعض وجوه الفن والأدب، والثقافة عامة، تضاهي في الأهمية زعماء السياسة إن لم تتفوق عليهم، فما أكثر الحالات التي ينسى الناس فيها الساسة، ولكنهم لا ينسون رموزهم في الفن والأدب، الذين يغدو إبداعهم جزءاً من النسيج الحضاري للأمم.
للأمر أهمية إضافية في اختيار مايو أنجليو لوضع صورتها على العملة، لكونها امرأة سوداء، وأكثر من ذلك فإنها، إضافة إلى كونها شاعرة، توصف بالحقوقية التي ناضلت من أجل حقوق السود في بلادها، فأنجيلو المولودة عام 1928 وتوفيت في عام 2014، عملت مع مارتن لوثر كينج جونيور، ومالكولم إكس، خلال حركة الحقوق المدنية، لذا تعدّ هذه الخطوة تقديراً رمزياً لا لإبداعها فقط، وإنما لدفاعها عن بني قومها السود من أجل مساواتهم مع البيض في الحقوق، ووقف أوجه التمييز والتعسف التي عانوها طويلاً، وما زالت صور من تلك المعاملة قائمة حتى اللحظة.
مُهم أيضاً السياق الذي أتى فيه اختيار مايو أنجيلو لتكريم ذكراها، ضمن ما عرف ب«برنامج أرباع النساء الأمريكيات» الذي وُقّع عليه ليصبح قانوناً في يناير/ كانون الثاني 2021، فإضافة إليها، من المقرر أن تظهر على العملة المعدنية في هذا العام صور أول امرأة أمريكية وصلت إلى الفضاء، سالي رايد، وأول امرأة رئيسة لقبيلة «شيروكي» ويلما مانكيلر، والناشطة من أجل حق النساء في الاقتراع نينا أوتيرو وارن، والنجمة السينمائية الصينية الأمريكية أنّا ماي وونج.
وعلى صلة بهذا، أعربت وزيرة الخزانة الأمريكية عن دعمها لوضع صورة الناشطة الحقوقية المناهضة للعبودية، هارييت توبمان، أيضاً على العملة الأمريكية، وكان الرئيس الأسبق، باراك أوباما، أطلق مشروعاً لوضع وجه توبمان على الورقة النقدية من فئة عشرين دولاراً، لكن جرى تعطيل ذلك في ظل إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب.
جريدة الخليج