تستحق مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الشكر والتثمين على سلسلة «أعلام من الإمارات» الصادرة بانتظام عن المؤسسة، بمهنية نشرية وتوثيقية وأرشيفية ملحوظة غَطّت حتى الآن 31 كاتباً وكاتبة من الإمارات في ضوء قراءات ومراجعات جديدة للنتاج الأدبي لهؤلاء الأعلام الذين يشكّلون جانباً مهمّاً من صورة الثقافة الإماراتية منذ نشوء الدولة حتى اليوم.
المؤسسة في هذا السياق تنطلق في عملها التاريخي والتوثيقي لهذا التراث الإماراتي من رؤيتين: الأولى رؤية أخلاقية تتمثل في قيمة الوفاء الإنسانية الجميلة لهؤلاء الكتّاب والكاتبات الأعلام والرموز الإبداعية الإماراتية، والرؤية الثانية تتمثل في إحياء النتاج الأدبي والثقافي لهؤلاء الرموز، وإعادة نشره، وتوزيعه، أو قراءته قراءة نقدية يستحقها هذا النتاج، بخاصة جيل الثمانينات، وتحديداً من أواسط ثمانينات القرن العشرين حتى أواسط تسعيناته، وهي في رأيي، الفترة الثقافية الذهبية آنذاك في الشعر والقصة على وجه الخصوص.
مؤسسة سلطان بن علي العويس تؤدي واجبها المؤسسي تجاه المكوّن الأدبي في الثقافة الإماراتية، وفي أداء موازٍ آخر لهذه المؤسسة العريقة هناك بُعد عربي يقع جوهرياً في برامج المؤسسة، فهي أيضاً تعيد نشر العديد من العناوين الأدبية والثقافية العربية، وأوجدت المؤسسة خزانة مكتبية عربية كبيرة من حيث الكمّ والنوع لعشرات وربما مئات الكتّاب والكاتبات في الوطن العربي ممّن استحقوا جائزة سلطان بن علي العويس، وهي واحدة من أرفع الجوائز الإماراتية والعربية، وذهبت باستقلالية وحياد إلى كتّاب عرب كانوا قد غَذّوا الثقافة العربية بروافد أدبية إبداعية جديرة بالتكريم.
لهذه التحية المستحقة والموجّهة إلى مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية مناسبة عزيزة على قلب كل كاتب وكاتبة في الإمارات من المثقفين المواطنين ومن أقرانهم العرب المقيمين في الدولة، فقد أصدرت المؤسسة أمس الأول كتاباً حول القاصّة الراحلة مريم جمعة فرج في إطار سلسلتها «أعلام من الإمارات» للشاعر والباحث النشط والمهني مؤيد الشيباني الأمين هو الآخر على الروح الثقافية الإماراتية والمتابع لهذه الروح والمشارك في بنائها النبيل منذ ثمانينات القرن العشرين حتى اليوم.
«مريم جمعة فرج.. قصة غافة إماراتية» هو العنوان الذي استقاه الشيباني من إحدى قصص مريم العتيقة والعريقة في السرد الإماراتي.
عنوان الكتاب يحمل دلالة الصبر والانتماء والقوّة التي ترمز لها معاً شجرة الغاف ذات البعد الوطني الإماراتي، وهي صفات المرأة والإنسانة والكاتبة مريم جمعة فرج إحدى رائدات القصة الإماراتية القصيرة منذ ثمانينات القرن العشرين، وهي الباحثة، والصحفية، والمترجمة، والإدارية أيضاً حين نعرف أن أوّل أو ثاني مجلس إدارة لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات كان يضم في عضويته مريم جمعة فرج، وبقيت صاحبة «فيروز» و«ماء» عنصراً إدارياً فاعلاً في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات إلى أن غادرت لإكمال دراستها خارج الدولة، وبعد ذلك دخلت مريم في إطار مرحلة ثقافية جديدة تتصل بالصحافة والترجمة بشكل خاص، وفي كل مراحل حياتها الثقافية تماهت دائماً مع طبيعة البشر.. وارفة، طيّبة، معطاءة، وكريمة القلب والقلم والروح.
جريدة الخليج