ستون وستريب… «نفسنة» على الطريقة الأميركية! – بقلم طارق الشناوي

شناوي

عندما أكملت ميريل ستريب عامها الـ 72، كانت الفرصة مهيأة ليقول لها الجميع كل عيد ميلاد سعيد وإبداع مديد، فهي حالة استثنائية بين كل النجوم، أرقامها بكل لغات العالم غير مسبوقة، عدد مرات حصولها على «الأوسكار» 3، والترشيحات 21، توجت بـ«الغولدن غلوب» 8 مرات، والترشيحات 32، ورغم ذلك – وقبل أن تطفئ ستريب شموع الميلاد، قالت شارون ستون: «إن المكانة التي حظيت بها ستريب تتجاوز ما تستحقه، وضربت مثلاً بعدد من النجمات المعاصرات لها تفوقن عليها»، وهو ما سبق أيضاً لصحيفة «نيويورك تايمز» إعلانه، عندما اختاروا أفضل 25 ممثلاً، بعد مرور 20 عاماً على القرن الـ21، ولم تدرج بينهم ستريب.
مثل هذه الآراء كثيراً ما تُثير عواصف من الجدل، لأنها تحمل في عمقها تناقضاً مع ما تعتبره الأغلبية من المسلّمات البديهية.
قبل أيام استعدت لقاء قديماً أجرته صفاء أبو السعود مع سناء جميل، أعادني في بعض مقاطعه لوجهة نظر ستون في ستريب.. قالت سناء إن فاتن ولا شك فنانة كبيرة، إلا أنها لا تقتنع بها في بعض الأدوار، تشعرها بالتصنع في الأداء – مكانة فاتن في السينما العربية تتماثل مع مكانة ستريب عالمياً – وأضافت سناء بدون الإفصاح عن الأسماء، أن بعض النجمات كن يعترضن على وجودها في أي عمل فني. واستطردت أن فاتن قالت إنها اعتذرت عن عدم أداء دور نفيسة في فيلم «بداية ونهاية» لصلاح أبو سيف، لأنه يحتاج إلى امرأة قبيحة، وقالت متهكمة، وهل نفيسة مجرد امرأة دميمة، أم أنها تحتاج إلى قدرة ممثل على الأداء، ولم يشفع لفاتن عند سناء أنها توجت بـ«نجمة القرن العشرين» وحظيت بلقب «سيدة الشاشة العربية».
بالمناسبة عدد من جيل فاتن اعترضن على هذا اللقب، أعلاهن صوتاً مريم فخر الدين، التي سخرت في العديد من البرامج قائلة: «إذا كانت هي سيدة الشاشة، فهذا يعني أننا خادمات الشاشة؟».
هل يجوز لمن يعمل في مجال الفن انتقاد زملائه؟، أليس هناك لمحة غيرة من الممكن أن تفسد عدالة التقييم؟
على الجانب الآخر، كانت فاتن تحرص على ألا تقول رأياً سلبياً في أي فنانة معاصرة لها، وعندما تُهاجم من زميلة تلوذ بالصمت ولا تعقب.
«أهل مكة أدرى بشعابها» وكذلك من يمارس أي مهنة، يُدرك أبعادها، وعندما تصفو النفوس نتابع بالفعل آراء عميقة، مثلاً كان نور الشريف يقول مشيداً بأداء أحمد زكي: «إذا كنت أنا أساوي في التمثيل سبعة من عشرة، فإن أحمد زكي يستحق عشرة من عشرة».
وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب يقول عن صوت أم كلثوم: «الوحيدة التي تجمع في حنجرتها بين ثلاث صفات مستحيلة: (الكمال والجمال والجلال)»، على الجانب الآخر تباين رد فعل كل من كمال الطويل ومحمد الموجي حول إبداع بليغ حمدي، في بداية انطلاقه – يصغرهما بنحو تسع سنوات – كان الموجي يعتبر أغانيه استنسخاناً لألحانهما، بينما الطويل على العكس يراه مجدداً ومختلفاً ومتفرداً.
هل على الإنسان أن يتعمد تجميل الحقيقة عند تقييمه لمن هم داخل الدائرة نفسها؟، وإلا اتهم بأن رأيه يحمل كما يطلقون بالعامية المصرية شيئاً من «النفسنة»، أقصد فرط الغيرة، هل يقع ما قالته شارون ستون عن ميريل ستريب تحت طائلة قانون «النفسنة»؟ أظنها كذلك!!

جريدة الشرق الأوسط