دُبيّ دانةُ الدنيا الجميلة – بقلم محمّد عبد الرّحيم سلطان العلماء

1272020

في سيرته الذاتية المُلهِمة (قصتي:50 قصة في خمسين عاماً)، يقصّ علينا صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، سيرة دبي ومسيرتها عبر التاريخ، ولا أعلم موضوعاً كان أكثر حضوراً من دبي في هذه السيرة الزاهرة، التي ستكون هي الوثيقة الأصدق في مستقبل الأيام لكل مَنْ أراد أن يعرف تاريخ هذا الوطن المجيد.

وطوبى لدبي حين يكتب عنها صاحب السمو بهذا القلب الفيّاض بالحب والزَّهْو والفخر بهذه اللؤلؤة الفريدة، التي قطعت مئة وخمسة وثمانين عاماً وهي تبحث عن شخصيتها الحضارية، التي تستحقها بين مدائن العالم وعواصمه الكبرى.

( دُبي) هي قصة التحديات منذ نشأتها الأولى في كفاح رجالها الكبار، الذين واجهوا أعتى الصعوبات في مسيرة هذه المدينة الرائعة، وكيف أن الصعوبات لم تزدد معها دبي إلا ثقة بالنفس وبحثاً عن البدائل، فقد ترسّخ في أدبياتها السياسية والإدارية أن الحكمة تقتضي ألا تكونَ دبي أسيرة لمصدر واحد من مصادر الدخل، وأن يكون التنوع الخَلّاق هو قدرها في جميع تجليات الحياة، وأن تخرج دائماً من العثرات والصعوبات وحالات الكساد الكبرى، التي كانت تعصف بالعالم أقوى قدرة على التحمل واستئناف مسيرة الحياة بكل ثقة وكفاءة واقتدار، وما زالت دبي تواجه العواصف والتحديات حتى أصبحت هي الوجهة، التي يجب أن يتجه إليها النشاط الاقتصادي العالمي، وهو الحلم الذي تحقق بعد مسيرة شاقة من التخطيط والتنفيذ والصبر، ضمن سياسة واضحة المعالم، تقوم على العدالة، والسلام مع دول الجوار، والانفتاح وتعدد مصادر الحياة.

إن من أهم المشاريع الكبرى التي تمّ تنفيذها في دبي هو مشروع القطار (مترو دبي إلى محطة إكسبو)، الذي انطلق قبل سبعة وأربعين شهراً، وحقق من الإنجازات ما جعله واحداً من أرقى معالم التحضر في هذه المدينة النشيطة، وضمن هذه المسيرة المُظفرة لدبي كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد كلمة مقتصدة تشير إلى الأهمية الاستثنائية لهذه المرحلة من مشروع محطة «إكسبو»، التي انطلقت ضمن خطة تحديث دبي، وتوفير بنية تحتية متفردة، تخدم مشاريعها الاقتصادية والعقارية الضخمة، التي أصبحت سرّ جاذبيتها وتوافد رؤوس الأموال إليها، حيث سيكون لهذا الحدث الضخم في هذه المرحلة أكبر الأثر في توفير الخدمة المتميزة لأكثر من ربع مليون شخص في منطقة جبل علي، بحيث يكون هذا المشروع شرياناً أساسياً ستنعكس آثاره الإيجابية في تحريك عجلة الحياة الاقتصادية لا سيما في مجال العقارات، التي يُتوقّع لها أن تشهد انتعاشاً اقتصادياً، بفضل هذه المرحلة الضخمة من هذا المشروع، الذي استأثر باهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في هذا اليوم، وكتب عنه هذه العبارة المُفعمة بالأمل والتحدي والثقة بالنفس في مستقبل الأيام حيث قال سوّه: (أعلنّا قبل 47 شهراً عن امتداد الخط الأحمر لمترو دبيّ، بتكلفة 11 مليار درهم، واليومَ نُدشّن مشروعنا: 50 قطاراً، 7 محطات، 125 ألف راكب يومياً، 12 ألف مهندس وفنّي، و80 مليون ساعة عمل، لننُجز عملنا في وقته كما وعدنا.. نقول ما نفعل، ونفعل ما نقول…هذه دبي).

بهذه النبرة الواثقة الجازمة، وهذه الأرقام المحددة، وهذه التكاليف المُعلنة يتحدث صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد عن واحد من أهم مشاريع دبي، والذي كان كمطار دبيّ حلماً عزيز المنال، لكنّ الإرادة الصلبة، والعمل الجاد، وعدم الرضوخ للظروف هي صمام الأمان في مسيرة دبيّ نحو مكانتها اللائقة بها بين المدن العالمية، وكم كان لهذا المشروع الكبير من الآثار الإيجابية على خدمات البنية التحتية المتميزة، التي تتميز بها مدينتنا الشامخة برجالها وقادتها وأبنائها، الذين يسعون في سبيل مجدها ورفعتها.

منذ عام 1968 وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد يحمل هموم الوطن كله، ويحمل هماً خاصا لدبي، هذه المدينة التي أحبها من شِغاف القلب، وعشقها عشقه للخيل وظباء الصيد، وأعطاها من الوريد إلى الوريد، ولم يبخل عليها بشيء، غنّى لها في شعره، وأدخلها في السياق الكبير لمدن العالم الكبرى، وأنجز فيها من المنجزات التي ستظلّ مدى الدهر شاهدَ صدق على حجم الحب والإخلاص والتفاني في سبيل هذه المدينة الزاهرة، التي بلغت في عهد سموه مكانتها السامية بين المدن، وتربعت بكبرياء الأميرات على عرش المجد، مفتخرة بفارسها وشاعرها وقائدها صاحب السموّ الذي أعطاها فأجزل العطاء، وجعلها مثل عقد الجوهر على صدر الفاتنة الحسناء.

دبيُّ دانة الدنيا

وعشقٌ ما له آخر

وأمجادٌ مُسطّرةٌ

ترى في أمسها الحاضر

تُحيّيكم وتُهديكم

ورود العمر والخاطر

شفأهلاً يا ضيوفَ دبيّ

وسهلا في ربوع دبيّ

هذه هي دبيّ الزاهية المختالة بجمالها وفارسها الذي أحبها، وسهر على راحتها وتقدمها، واختار لها خيرة أبناء الوطن لتنفيذ جميع الأحلام، وخلّدها بهذه الإنجازات التي يغبطها عليها عواصم العالم الكبرى، تمرّ بها الأزمات لكنّ فارسها يقول لها: «لا توقفنا أزمات، ولا تبطئنا عقبات، ولا نلتفت لمشكّك، ولا نستمع لمتردد»، لتظل مسيرة الحياة مندفعة إلى الأمام يقودها قائد جسور لا يريد من هذه الدنيا سوى مطلب صادق هو أن تعرف الأجيال اللاحقة شرف هذه المسيرة، فيذكرون قادة البلاد بالخير، ويقولون كما تمنى صاحب السموّ في مفتتح سيرته الذاتية: «هنا كانوا، هنا عملوا، هنا أنجزوا… هنا أحبّوا الناسَ، وأحبهم الناسُ، هنا أطلقوا ذلك المشروع، وهنا احتفلوا بإتمامه».

سلام عليك يا دبي يا زهرة المدن الجميلة، سلام على فارسك الشجاع الجسور، الذي ما خذلك في قليل ولا كثير، وارتقى بك إلى الذرى العالية، سلام عليك ونحن ننشد لك كل صباح نشيد الحب والوفاء والبقاء على العهد يا أرض الخير والوصل والانتماء:

دبيّ رحلةٌ أحلى

من الأحلام والمطر

دبيّ قصةٌ كبرى

عن الإصرار والسهر

دبيّ مرفأ البُشرى

ودارُ الشمس والقمر

فأهلا يا ضيوفَ دبيّ

وسهلاً في ربوع دبيّ.

جريدة البيان