صدر حديثاً عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية وضمن سلسلة “أعلام من الأمارات” كتاب جديد بعنوان (حبيب الصايغ.. وعي الحداثة وهاجس التجريب) للكاتب والناقد عزت عمر تناول في الفصل الأوّل جانباً من سيرة حياة الشاعر الإماراتي الراحل حبيب الصايغ (1955 2019) شملت نشأته في أبوظبي ومراحل تعليمه ونبوغه المبكر، وأضاف لسيرته في ذات الفصل توصيفاً عاماً لشعره وتوجّهاته الفنية على شكل شهادات في شعره من خلال مقابلاته الصحافية أو زاويته اليومية في صحيفة «الخليج» الإماراتية إضافة إلى شهادات لعدد من الشعراء والنقّاد والإعلاميين.
الفصل الثاني أسماه المؤلف «القصيدة الكتاب»، تتبع فيها مراحل تطوّر النصّ الشعري وفق صدور دواوينه على التوالي منذ العام 1980 ديوانه الأوّل «هنا بار بني عبس.. الدعوة عامة»، وهو كما يبدو من العنوان نصّ إشكالي يمزج بين زمنين: زمن القبيلة وزمن كتابة النصّ أواخر السبعينيات، إذ بدا شاعراً يهتمّ بالقضايا العامة للأمة العربية، مستلهماً حكاياته من التراث الإماراتي والتراث العربي عموماً، فيحضر الربّان أسد البحر أحمد بن ماجد إلى جانب عنترة تذكيراً بمجريات الصراع على الخليج.
وتناول عزت عمر بالتحليل أيضاً ديوانه «ميارى» وهو بدوره قصيدة واحدة، خصص لها كتاباً كاملاً حيّا فيه المرأة العربية والأنوثة من خلال المرأة الرمز الكلّي «ميارى». وإلى جانبه تناول ديوانه الإشكالي شكلاً ومضوناً «أسمّي الردى ولدي»، وهو أشبه بخطاب تحدّ للموت والرغبة في الحياة.
الفصل الثالث، تناول فيه المؤلف مجموعاته الأخرى مثل: «كسر في الوزن»، «وردة الكهولة»، «رسم بياني لأسراب الزرافات»، وتوقّفت مطوّلاً عند قصائده النثرية والتفعيلة ومدى ارتباطها بزمنها، ووعي الحداثة المبكر بالنسبة للشاعر والشعراء الإماراتيين عموماً، وما امتازت به أشعار حبيب وفي مقدار استجابتها لتعزيز هذا الوعي، واختتم الكتاب بتبيان علاقة شعره بالتراث المادي والمعنوي لدولة الإمارات والشعر العربي، الذي رافق هذه المرحلة المهمّة من ثقافة المجتمع الإماراتي في انعطافته الكبرى نحو مجتمع الحداثة وما بعدها، ولعل مثل هذا المزج المعتمد على التراث والأسطورة ساهم في تعزيز خصوصية الشاعر وبصمته الإبداعية، فضلاً عن علاقته بذاته والعالم العربي وغير العربي.
يقول عزت عمر عن كتابه الجديد:
اعتمدت على مجموعة من المراجع التي تناولت أعمال حبيب الصايغ الشعرية، وهي على كلّ حال قليلة بالنسبة لتجربة شاعر رائد عمرها 40 عاماً، ولعلّ السبب يكمن في صعوبة تحليل هذه الأعمال تبعاً لتوجهات الصايغ الحداثية وما بعد الحداثية، ممثلة بالسريالية والخيال المجنح، وبذلك آمل أنني أوفيتها حقّها من الإضاءة والدرس والتحليل.
كتاب (حبيب الصايغ.. وعي الحداثة وهاجس التجريب) جاء بـ 200 صفحة من القطع المتوسط وحمل الرقم 32 ضمن سلسلة أعلام من الإمارات التي أطلقتها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عام 2012.
يذكر أن سلسلة «أعلام من الإمارات» التي تصدرها مؤسسة سلطان بن علي العويس، جاءت لتؤكد دور المؤسسة في دعم الفعل الثقافي، ودأبها وحرصها على تخليد ذكرى أولئك الذين عبّدوا طريق الفكر والثقافة والمعرفة في الإمارات، أولئك الذين أعطوا ثمرة حياتهم، كل في زمنه، فكانوا مشاعل تضيء درب المستقبل، وتفتح الأفق أمام الإبداع بكل أشكاله من درر الأدب والثقافة، لتعيدهم إلى الذاكرة الحية ولتفيد بأفكارهم النيّرة والطموحة، عقول الأجيال الجديدة علها تستفيد من أفكارهم النيرة الطموحة التي تخطت العواقب والحواجز وكل الظروف الصعبة التي عاشوا بها ليتركوا أثراً يُعتز به.
حبيب الصايغ.. وعي الحداثة وهاجس التجريب