وهو إذ يحاول أن يقدم إجابات على أسئلة محورية من خلال رصد الواقع الحقيقي الذي تعيشه اللغة والاستخدامات الفعلية التي يتم عبرها تطويع هذه الأداة -الظاهرة الإنسانية- الأصيلة في تكويننا البشري والمعرفي من أجل المستقبل، فهو يطرح المزيد من التساؤلات عن علاقة اللغة بتطورنا الإنساني والحضاري وانعكاس كل ذلك على مكانتنا بين المجتمعات والدول التي تتخذ شكلاً افتراضياً لا حدود له، ولا نهائي في التشكل والتغيير.
وربما كان المحور الخامس في التقرير المرتبط بالتكنولوجيا هو أحد المحاور المستقبلية التي لا غنى عن دراستها وتقديم الحلول من خلالها، في ضوء الحركة التي لا تهدأ للابتكارات الرقمية وتفاعلات الآلة مع الإنسان والنظرة المتفائلة عموماً للذكاء الاصطناعي والخوارزميات كحلول جذرية للكثير من مشكلات هذا العصر، كما أن التأسيس لمسار لغوي تكنولوجي هو حجر زاوية في أي مشروع تطويري تتبناه أي من القطاعات المذكورة وخصوصاً التعليم والبحث العلمي والإعلام، نظراً للتمازج التام بين الأداة الرقمية والاستخدامات الإنسانية في الوسط الافتراضي، كقاعدة ثابتة للتعليم والعمل والإعلان والإخبار وصناعة المحتوى.
إن الحل الذي يطرحه التقرير هو مبني على رؤية تصورية مكونة من ثلاثة عناصر هي: سياسية لغوية حاكمة، مؤسسات مرجعية راسمة، وإرادة سياسية فاعلة، كما أنه لا يستبعد «التراكمات النفسية» القائمة على أحكام انطباعية وصور نمطية طال استهلاكها لتشكل «انهزامية» أمام تحديات العصر، «فمشروع النهوض باللغة هو مشروع أمة والخلاص فيه لن يكون شخصياً على مستوى الأفراد، ولا قُطرياً على مستوى الدول، ولا تخصصياً على مستوى القطاعات، ولا جزئياً على مستوى التشريعات» كما أن التقرير لا يقدم محاولة للتعميم وإنما للرصد والدراسة بناء على أسس علمية دقيقة ورؤى مستقبلية قائمة على استراتيجيات ومعايير واضحة، فيما يشبه خريطة طريق قابلة للتعديل والإضافة في السنوات القادمة
جريدة الخليج