لماذا يحتاج مفهوم انتشار اللغة إلى توضيح وتصحيح؟ حين نريد النظر في مواطن قوة العربية، علينا ألاّ نحاول خداع عقولنا بالهروب إلى أمجاد الماضي اللغوي. تلك الأمجاد كانت لها علاقة عضوية بإمبراطورية الحضارة الإسلامية، من حدود الصين إلى الأندلس. كانت العربية قوية منتجة لعلوم عصورها. كيف كانت عاصمة الأمويين؟ وكيف هي اليوم؟ كيف كانت عاصمة العباسيين؟ وكيف هي اليوم؟
دعنا، «فكل بعيد الهم فيها معذبُ»، بتعبير أبي الطيب. على عشاق العربية أن يحوّلوا التغزل باللغة إلى خطط تؤدي، ولو بعد نصف قرن، إلى تنمية شاملة تنتج العلوم. معايير قياس انتشار اللغة وقوتها لا يخطئها بصر ذو بصيرة. يحتل البحث العلمي الصدارة، باقتدار وجدارة. لا عليك إن كان به شيء من طبائع الأبراج العاجية، لكنه وراء كل تألق في الحياة العامة. قل لي بكم ألف ورقة بحثية علمية تتجلى كل عام في أعلى المحافل العلمية، أقلْ لك من أنت. في الطب، في الهندسة، التكنولوجيا، البيولوجيا، الذكاء الاصطناعي، العلوم العصبية. إذا كان المنشأ هو العالم العربي، ففخر للعربية، حتى لو قدمت الأوراق البحثية إلى المحافل العالمية بلغة أخرى. إلى أن…
ثم، كيف هي لغتنا في مجالي الاقتصاد والإدارة، في عالمنا العربي؟ ستسامح القلم في انعدام المنهجية. نسي أن يسأل أوّلاً: ما هي مكانة العربية في مناهج التعليم؟ ماذا عن تعريب العلوم؟ ما علة عدم التعريب؟ 80% من البلدان العربية لا تقف على القدمين تنموياً. عدد من البلدان الغنية ينهشه انهيار الاقتصاد والفوضى والفساد. قبل انتهاء العمود: هل لدى العرب محرك بحث عربي يُفرح قلب العربية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الرجائية: هل لديك مسبحة؟ كرر هذا العمود إلى أن يجودك الغيث إذا الغيث همى.
ثرثرة على ضفاف العربيّة – عبداللطيف الزبيدي
العويس الثقافية ، اصدارات العويس