ما الذي يجمع ما بين ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأميركي الأسبق، وعارضة الأزياء كيت موس، والصحافية روزاليوسف، والمليونير أوناسيس، والكاتب ميشيل كيلو، وكيت ميدلتون زوجة الأمير البريطاني ويليام، والممثلة ديان كيتون، والشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد، والرئيس عبد الناصر؟ لا شيء سوى أنهم جميعاً من مواليد برج الجدي. والأبراج تنافس وصفة الديك الرومي في أحاديث المجالس، لا سيما مع النقلة من سنة منقضية لسنة قيد التدشين.
تمر الشمس من برج الجدي بين العشر الأواخر من ديسمبر (كانون الأول) حتى العشر الأواخر من يناير (كانون الثاني). وبالعربي فإن الجدي يقع بين الكانونين. وهو آخر علامة أرضية من الأبراج. شعاره عنزة البحر. مخلوق أسطوري بجسم ماعز وذيل سمكة. هل هناك التباس أكثر من هذا؟
يعرف الأصدقاء أنك من برج الجدي فترتسم علامات التعجب في أعينهم. ما الحكاية يا جماعة؟ يقولون إنه برج صعب. فالجدي في علم التنجيم الغربي علامة سلبية. تطلب المزيد ذاهباً إلى الشبكة الإلكترونية. تقرأ في دهاليزها أن لمواليد هذا البرج شخصيات خاصة، يصعب التعامل معهم بسبب تقلب أمزجتهم. فمولود الجدي يتصف بالديكتاتورية والغرور والخيال الواسع. لكنه أيضاً طموح وعملي. يحكّم عقله في قراراته. يحب النجاح من دون أن يعتمد مبدأ: الغاية تبرر الوسيلة. معتمد على النفس ولا يثق بالآخرين. قدير في تحمل المسؤولية ولا يلجأ للغش. يرتبط بالعائلة ويخلص لمن يحب. صداقاته موثوقة وطويلة. يكره الأسئلة الفضولية. يحب الماضي ويرتبط بالذكريات. عواطفه كثيرة جياشة في حال اختار أن يكشفها. يحتاج لمن يخرج الحب من داخله ليستطيع تغييره.
والجدي ميال للطرائف والمرح. لكن نكاته من نوع السخرية السوداء. لذلك فإن قلائل هم من يضحكون لها. وهو لا يشتري من لا يضحك بفلس. المهم سعادة جنابه. وحتى حين لا يروي النكات فإنه يؤلفها في رأسه. يبتسم لأفكاره ولا يشعر بالرغبة في الإفصاح عنها. كما أنه لا يحب الشكوى. ويأتي الجدي في ذيل قائمة المتذمرين، أي أولئك الذين لا يعجبهم العجب ولا يحمدون. بينما يحتل رأس القائمة مواليد برج العذراء.
لعل من الطريف نقل ما يتنبأه موقع فرنسي لمولود الجدي: «أنت قاذورة صغيرة بلا معنى، تموت من خشية أن يلاحظها أحد. ولهذا فإن الكل يتجاهلك ويتعامل معك وكأنك مصاب بالكوليرا (الأصح بالكورونا في يومنا هذا). لم يأتِ أي من مواليد الجدي بما هو نافع في كل تاريخ البشرية. إن مستشفيات المجانين تزدحم بأمثالك». دمهم خفيف هؤلاء الفرنسيون. لكنهم كذبوا ولو صدقوا.
ويبقى أن يعود المرء، مرة جديدة، لمحاولة قراءة «برج الجدي» للكاتب الأميركي هنري ميلر (1891 – 1980). وهو أيضاً من مواليد الجدي. كتب روايته الصعبة أثناء إقامة له في باريس لتكون تتمة لروايته السابقة «برج السرطان». نشرها ناشر فرنسي عام 1939 ومنعها الرقيب في تركيا والولايات المتحدة. لم تظهر طبعتها الأميركية إلا في 1961. رواية فيها جوانب من سيرة ذاتية، تبسط بدون تحفظ تفاصيل علاقة مؤلفها بزوجته الثانية وملهمته جون سميث. وكان ميلر قد اعتكف، في ليلة من ربيع 1927، في بيت والديه في حي بروكلين ليطبع على الآلة الكاتبة 32 صفحة اختار لها اسم «جون» عنواناً. وهي الصفحات التي سيبني عليها روايته فيما بعد. وجاء الإهداء في كلمة واحدة: «إليها».
كل عام وأنتم وكل مواليد الجدي بأمان.
جريدة الشرق الأوسط