لكن ليس ضرورياً أن ينال منا دعاء من نحب لكي يهجرنا النوم. فالأسباب تعددت والأرق واحد. وما أكثر من يشكون من اضطراب النوم ومن تقطعه، أو من الأرق، وبوسعي أن أدرج نفسي في قائمة هؤلاء في السنوات القليلة الأخيرة، وما أذكره جيداً أني كنت في سنوات الشباب ميالاً للنوم الطويل، الممتد، والعميق، لكن أما وقد مرّ من العمر الكثير فلم يعد الأمر كذلك، ووجدت ما يشبه السلوى في العبارة التالية الواردة في تقرير نشره موقع «بي. بي. سي»، تقول: «ربما يكون عزاؤك الوحيد هو أنك لست وحدك من يغالب الأرق، إذ تشير دراسات علمية إلى أن نحو 50% من سكان العالم يعانون منه».
ربما لم تعد أجساد من كبروا تحتاج إلى كمية الراحة التي كانت تحتاجها عندما كانوا شباناً. هذا احتمال، ولكن التقرير المشار إليه يرجع الأمر، على الأقل في جانب منه، إلى أسلوب حياتنا الحديثة، ومنها انشغالنا بتصفح ما يصلنا أو ما يصادفنا من رسائل أو مواد على هواتفنا النقالة، وثمة حديث فحواه أن الضوء المنبعث من شاشات هذه الهواتف طارد للنوم، وليس من دليل أقوى هو أن غالبية الناس ميالة لإطفاء أنوار غرف نومهم قبل أن يخلدوا إلى النوم، لأن النوم والضوء لا يتلازمان في الغالب.
على صلة بذلك فإن تقريراً أعدته صحفية أجنبية عاملة في «بي. بي سي»، يشير إلى تصدر كوريا الجنوبية واليابان بقية البلدان في معاناة أهلهما من الأرق والنوم القصير، مرجعة ذلك إلى أسباب تاريخية تتعلق بسرعة تجاوز البلدين معدلات الفقر والانضمام إلى نادي الدول الصناعية المتقدمة، الذي استدعى بذل سكانهما جهوداً حثيثة للنهوض.
بعيداً عن اليابان وكوريا وسواهما، لنعد إلى أمر النوم والأرق، لنقرأ لمحمود درويش هذا القول الذي قد يلخص الكثير مما كنا نود قوله: «حتى النوم يجيد الهرب عندما نحتاج إليه، تماماً كالآخرين».
النوم العصي – بقلم حسن مدن
جريدة الخليج