لماذا نحن مهووسون بالنهاية؟ أي نهاية! تستحوذ النهاية على عقولنا وقلوبنا أكثر من البداية، ولكل شيء بداية ونهاية في حياتنا.
تجد شخصاً يقرأ رواية وينتقدها، وعندما تسأله: ما الذي يجبرك على الاستمرار؟ يقول: أريد أن أعرف ماذا سيحدث في النهاية. لم يذكر البداية ولكن ذكر النهاية.
تجد آخر يشاهد مسلسلاً أو فيلماً ويلعب بهاتفه، تسأله: ألست مهتماً بما تشاهده؟ فيرد: ليس كثيراً، أو انخدعت بما أشاهده، ولكن أريد أن أعرف ماذا سيحدث في النهاية! إنها النهاية وما أدراك ما النهاية!
تجلس لتطلق لخيالك العنان تفكر وتفكر ماذا تكتب في هذا المقال، ثم تسأل نفسك: ما هي نهاية هذا التفكير؟! ثم تفكر في حياتك ومستقبلك وتتساءل: كيف ستنتهي هذه الحياة؟ ماذا يحدث بعد الموت؟ إنه شبح النهاية!
تريد مشاهدة فيلم، أي فيلم، يغالبك النعاس وتقول لنفسك: سأكمل المشاهدة غداً، ولكن النهاية! لا أستطيع النوم دون معرفة النهاية! فما هو سر هذه النهاية المستحوذة على قلوبنا وعقولنا؟
لماذا لا نهتم بالبداية كاهتمامنا بالنهاية؟ لماذا ندخل السينما أحياناً وقد فاتتنا البداية فلا نهتم ولكن نتحمل الكثير من أجل الوصول إلى النهاية؟ ألم أقل لكم إنه سحر النهاية. اسأل الكثير من الناس عن بداية الشيء ونهايته، سيقول الكثير لا نتذكر البداية ولكن لا نستطيع أن ننسى النهاية!
اقرأ الأخبار كلها حروب وأزمات، ستجد العناوين تقول: 3 سيناريوهات محتملة لإنهاء حرب أوكرانيا، أو مثلاً: كيف ستنتهي أزمة البرلمان البريطاني (هذه من خيالي). المهم أنها النهاية. هل يتذكر أحد كيف بدأت حرب روسيا على أوكرانيا؟ لا، ولكن سيتذكر الناس كيف انتهت.
من ناحية نفسية فإن البداية تجهز عنصر القصة وتعطي السياق الذي يشدك كمتابع، لكنك تستطيع أن تتابع القصة في أحيان كثيرة حتى إن فاتتك بدايتها، ولكن النهاية تضع النقاط على الحروف، وإن توقفت عن المشاهدة أو القراءة قبل الفصل الأخير فلن تتمكن من تكوين رأي عما شاهدته أو قرأته.
ما سر هوسنا بالنهاية؟ السر أنها حزينة، مرعبة، هي تحاكي مستقبلنا المجهول الذي نخافه لأننا لا نعرفه، إنها الفضول المستحكم في عقولنا وقلوبنا. النهاية صعبة تجبرنا على مواجهة حقائق غير مرغوبة.
إنها غير مرغوبة إن كانت نهاية شيء ممتع، أو ننتظرها بفارغ الصبر إن كانت نهاية أمر شاق. هي تجمع النقيضين ولكن من دونها لا معنى لأي شيء نفعله.
موقف
تستخدم استوديوهات «هوليوود» النهاية لقياس رضا الجمهور في عروض تجريبية، فإن استهجنها الجمهور تجبر الاستوديوهات صناع الأفلام لإعادة التصوير وتغيير النهاية؛ لذا النهاية أهم من البداية وأهم جزء في الأفلام، وهنا نهاية المقال، فهل تتذكر بدايته؟!
النهاية – بقلم عبدالله القمزي
اللإمارات اليوم
العويس الثقافية