هي الملكة غير المتوجة للسينما الفرنسية، لكن موهبتها الفنية ما زالت موضع شك. هل يكفي الوجه الجميل والهالة الشقراء لصنع ممثلة؟ لنقل إن كاترين دينوف نجمة، ويبدو أن هذا يكفيها ويرضيها.
من ذا الذي يطلب من النجوم أن تجتهد وتتفوق مثل المخلوقات التي تدبّ على الأرض؟
الكل ينتظر رؤيتها وهي تسير على السجادة الحمراء وترتقي أدراج قصر المهرجانات في «كان»، الشهر المقبل، للتأكد من أن «الملكة» ما زالت هنا، لم تتأثر بالجلطة التي أصيبت بها في خريف 2019. كانت موجودة في مستشفى من مستشفيات الضواحي الفقيرة، تستعد لتصوير دورها في فيلم جديد، حين فاجأتها الأزمة. حاول الأطباء الموجودون إسعافها لكن النجوم لا تُعالج مع العامة. جرى نقلها إلى مستشفى «روتشيلد» في باريس وسارعت أسرتها إلى إصدار بيان تطمئن فيه «الرعية» بأن دينوف عانت من انسداد شرياني عابر لا يتسبب، على عكس السكتة، في تلف الدماغ.
في الفيلم، تقوم بدور والدة تلازم سرير ابنها المريض في المستشفى، تتعاون مع طبيبه المعالج ومع الممرضات في إبقائه على قيد الحياة. ميلودراما من إخراج إيمانويل بيرسو لم تجد مكانها في المسابقة الرسمية للمهرجان الفرنسي الشهير. ماذا سيضيف «كان» لدينوف؟ إن عمرها أكبر من عمر المهرجان. وهي قد صعدت الأدراج على السجادات الحمر عشرات المرات ونزلت حتى تعبت ساقاها. ما عادت المرأة الجميلة، في سن السابعة والسبعين، تصلح لأدوار البنت المعشوقة. وهي نجمة واقعية، ارتضت أدوار الأمهات وأيضاً أدوار الجدّات. وقد شاهدناها تقوم بدور جدّة فرنسية تستضيف حفيدها في مزرعتها لتكتشف أنه يحب شابة مغربية وعلى علاقة بجماعة إرهابية.
والحق يقال، إن دينوف هي آخر من يصلح لمواجهة الإرهاب. لقد خُلقت للحب لا للحرب. أحبها مكتشفها المخرج روجيه فاديم ومنحها طفلاً. ثم أغرم بها الممثل الإيطالي مارشيلو ماستروياني ومنحها طفلة. ولما تشاركت مع المغني جوني هاليداي في فيلم «الباريسيات» تركت في قلبه شرارة خفية. كان كل منهما يحاول شق طريقه، جوني يقلد ألفيس بريسلي وكاترين تبحث عن ورقة رابحة على الفور، لا بعد سنوات. وقد وجدتها في علاقتها مع الممثل الصاعد، آنذاك، جان لوي ترنتنيان.
كانت، في بداياتها ذات شعر أسود. غيّرت اللون وصارت أشهر شقراء على الشاشة الفرنسية. غابت بريجيت باردو وجان مورو وسيمون سينيوريه وميشيل مورغان وبقيت كاترين دينوف تقاوم. ممثلة تراهن على الملامح المحايدة والاقتصاد في المشاعر. قطعة «آيس كريم» تحولت إلى أيقونة، يطلبها كبار مخرجي زمانها لكي يواصلوا حبسها في الإطار المُذهّب. ويُحسب لها أنها تشجع المخرجين الشباب وتتحمس للظهور في أفلامهم، وبينهم عرب. أما من حاول إذابتها، أي تحريرها من نمطها، فلم ينل تجاوباً منها، ولا من جمهورها.
ولأنها امرأة قبل أن تكون ممثلة، دافعت عن مملكة الغواية ضد حملات النسويات اللواتي يطالبن بتجريم التحرش الجنسي. وضعت الملكة كاترين ختمها الثمين على بيان يرى أن الرغبة هي مفتاح العلاقة بين الرجل والمرأة، وهي أساس الأعمال الإبداعية في الأدب والفن، أما فضح المتحرشين بالنساء فليس سوى بدعة مثالية واردة من أميركا. وهي قد تطرقت، في مقابلاتها الأخيرة، إلى أهمية الوجه الجميل في السينما. لم تنكر أن المخرجين لا يهتمون كثيراً بموهبة ممثلة مبتدئة قدر اهتمامهم بشكلها الخارجي. تقول: «عندما تدخل امرأة ذات وجه جميل إلى مكان ما، فإن الأنظار تتجه نحوها. وهذا ليس بالعدل، لكن الحياة هكذا».
جريدة الشرق الأوسط