تُتوجُ الشاعرة والأديبة ميسون صقر القاسمي بعد أيام كأوّل إماراتية تحصد جائزة الشيخ زايد للكتاب في الآداب، بعد أن أُعلن من قبل عن فوز كتابها الرائع «مقهى ريش.. عين على مصر» بهذه الجائزة التي تُعد الأعز على قلب كل أديب إماراتي وعربي. ويحق لميسون أن تفتخر بهذا الإنجاز وهي تحمل جائزة القائد الذي كان حب مصر نصب عينيه وفي صميم قلبه، وأورث هذا الحب لأبناء الإمارات جميعاً، ليتجسد اليوم هذا التكريم بعنوانين الأول هو «الشيخ زايد.. قلبٌ على مصر» والثاني عنوان الكتاب.
دأبت ميسون صقر على ترسيخ حضورها الإبداعي بقوّة على المستوى العربي، وخاضت في الشعر بنفسٍ مجدد حيث امتازت قصيدتها بالاختزال والعمق في بناء الجملة الشعرية وفي تكوين معمار النص. وكانت أحد الأصوات التي أسست تيار الحداثة منذ الثمانينيات ولا تزال في صميم هذه التجربة المهمة على صعيد تاريخ الشعر في الإمارات. ولديها بنفس الوتيرة تجربة في الفن التشكيلي امتدت لتضعها أيضاً في صدارة المشهد الفني وبأعمال تكشف عن فرادتها في التعاطي مع اللون واللوحة وتكوينات وأبعاد الرؤية البصرية الجديدة، ثم عمّقت هذا الحضور بتقديم نَفَس روائي خاص ومبهر استطاعت به أن تقرأ تفاصيل المكان وأن تطرح أسئلة وجودية وفلسفية خاصة بالهوية والتاريخ والأرض والبحر. وما بين الإمارات ومصر كانت أجنحة ميسون ترفرفُ في هذا الفضاء الفسيح وهي تستلهم من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» طاقة الحب والوفاء والإبداع الذي كان يكنّه لمصر.
أعجبني في كتاب «مقهى ريش» المجهود الكبير الذي قامت به ميسون لجمع المادة التاريخية، وتدوينها على مدار سنوات للحكايات والقصص والصور التي تقدم في النهاية جانباً من تاريخ مصر، وأعجبتني أكثر اللغة التي كتبت بها الكتاب لتشعرك فعلاً أنك أمام عمل أدبي بامتياز وليس بحثاً أو رصداً بالمعنى الأكاديمي. تصفحتُ الكتاب كاملاً وقرأت بعض فصوله الشائقة وتعرفت على قصص أدباء وفنانين مروا في ذلك المقهى وتركوا أثراً وصوتاً، بل إن الكثير من قصص الحب والزواج بين مثقفي مصر انطلقت شرارتها في ذلك المكان. شدّني أيضاً الاستهلال في أول الكتاب عن المقاهي ودورها في مصر والقاهرة تحديداً، تضاف إليه الصور القديمة التي حصلت عليها ميسون من أرشيف العوائل التي أسست لهذا المقهى. لدينا في الإمارات، قلبٌ على مصر.. وعينٌ على مصر.. وروحٌ على مصر.
دروب – بقلم عادل خزام
اصدارات العويس