سؤال كبير يضع الرواية التاريخية اليوم- عربياً وعالمياً- في حالة إحراج: كيف نجمع بين التاريخ بوصفه مادة ثابتة وعلمية وأدبية، وترتكز بالدرجة الأولى على الافتراضي والتخيلي؟
ونخطئ حينما نطرح مسألة الرواية التاريخية في أفق إعادة إنتاج التاريخ، وكأن الرواية مجرد حيلة لتمرير مادة مستعصية على القارئ بسبب جفافها، فالرؤية التاريخية تطورت عالمياً بسرعة، لدرجة أن أصبح التاريخ فيها مجرد ظلال وغيوم عابرة، مخلفة وراءها حكاية، أي الرواية بوصفها نصاً أدبياً بالدرجة الأولى، بكل المغريات الأدبية التي تفرضها الكتابة الإبداعية ووسائطها.
الأمر الذي يجعل من الأدب داخل الرواية التاريخية الوسيلة المثلى لدحر التاريخ نفسه بيقينياته، والاحتفاظ فقط بما يخدم الأدبية وليس شيئاً آخر، لهذا من العبث البحث عن صدقية التاريخ في الرواية. وهو ما يؤكده الروائي البريطاني ذو الأصول الباكستانية، طارق علي الذي اختص في الرواية التاريخية، وفق رؤية تنتصر للتخييل في النهاية، بل تقدسه: «الخيال عند الروائي مقدس، والحقيقة مجال للانتهاك، ولا بد أن العكس صحيح عند المؤرخ»؛ إذ يحتمي التاريخ بما هو حقيقي بين قوسين، في حين تشكل مساحات التخييل المجال الحر والمفتوح للرواية.
صحيفة الرؤية