الدموع أنواع : لأسباب محض علمية فإن طعم الدموع مالح. المختصون يقولون إن جميع السوائل في الجسم تحتوي على القليل من الملح، ومحتوى الملح في الدموع هو تقريباً نفسه في بلازما الدم، مع ذلك في الأمر ما يستوقفنا، فالملوحة نقيض العذوبة، وهذه الأخيرة تقرن عادة بالسعادة والبهجة والمتعة، لكن حين نمرّ بتجربة صعبة في الحياة، نقول: مررنا بتجربة مرّة، ومع أن الملوحة ليست هي نفسها المرارة، لكن لعلّ بينهما صلة قربى.
من جانب آخر، فكما أنّ الملح ضروري لعمل الجسم، فإننا لا نبكي وتسيل الدموع من مآقينا في حالات الحزن وحدها، وإنما هناك أيضاً ما يعرف بدموع الفرح، ويفيدنا مقال مختص بأن «البكاء لأسباب عاطفية يجعلك تشعر بتحسن، ويطلق التوتر ويمنحك إعادة تشغيل نفسية مثالية». وحسب هذا المقال المنشور على موقع «سبوتنيك» فإن الدموع أنواع، وليست نوعاً واحداً، ويُعدد بعض هذه الأنواع، وبينها: «الدموع القاعدية»، وهي بمثابة الدموع الأساسية التي تدور العيون حولها طوال اليوم، و«الدموع المزعجة» وهي دموع غسل العين، عندما تقشر البصل أو تتقيأ أو تلوث عينك بالغبار، وتطرد تلك الدموع المهيجات للحفاظ على نظافة العينين.
وأخيراً هناك ما يصحّ أن نعتبره «الشكل الرومانسي» من الدموع، وتعرف ب«الدموع النفسية أو العاطفية»، التي تتدفق استجابة لمشاعر قوية مثل الحزن أو الفرح أو الغضب، وهي، وإن كانت تحتوي على نفس التركيب الكيميائي، فإنها تضمّ أيضاً هرمونات التوتر ومسكنات الألم الطبيعية أكثر من الأنواع الأخرى من الدموع.
ووفقاً للأكاديمية الأمريكية لطب العيون، «فإن الدموع العاطفية تنجم عن التعاطف، والألم الوجداني والمجتمعي، والألم الجسدي، والألم المرتبط بالتعلق، والمشاعر العاطفية أو الأخلاقية، وهناك اعتقاد بأن الأشخاص يشعرون بالتحسن بعد البكاء، إذا تلقوا دعماً اجتماعياً أثناء ذلك».
النساء يبكين أكثر مما يبكي الرجال، وتأويل ذلك محلّ نقاش، لكن الدراسات تقول إن المرأة تبكي أكثر من الرجل بنسبة 60%، وبأحد الأسباب أن قنوات الرجال الدمعية أصغر من تلك التي لدى النساء. وعلى حقيقة أن الرجال يبكون أقل من النساء يوافق الباحث والمفكر العراقي الراحل هادي العلوي، لكنه يضيف رأياً جديراً بالمعاينة هو أن البكاء عادة شرقيّة في المقام الأول، ولأن البكاء كناية عن الوجدان العميق شديد التحسس لمعاناة الناس، فإن الفقراء يبكون أكثر من الأغنياء لأن معاناة الأولين هي الأكبر.
وحول ثنائية البكاء بين الشرق والغرب يرى العلوي أن «مادية» الثقافة الغربية تجعلها أقلّ عاطفية، ويقول إنه عاش في بريطانيا سنة كاملة لم ير فيها أحداً يبكي أمام حدث مأساوي، فيما وجد أن هذا المشهد يتكرر يومياً في شوارع الصين التي عاش فيها طويلاً.