أطلق رجل الأعمال الإماراتي ومؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، خلف أحمد الحبتور، الدورة الأولى من جائزة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب»، بالتزامن مع الذكرى المئوية لميلاد أهم شاعرة معاصرة في الإمارات وإحدى رائدات حركة الشعر النبطي الإماراتي.
وأكد الحبتور أن «عوشة بنت خليفة السويدي شخصية استثنائية عرفتها عن قرب وكم تمنيت أن أجد نساء أخريات يتسمن بخصالها وفصاحتها الشعرية، لذلك أطلقت هذه الجائزة التي تحمل اسمها تخليداً لإرثها الشعري وتكريماً لمكانتها وموهبتها الشعرية، وترسيخاً لدور المرأة الإماراتية وحضورها المؤثر على الساحة الثقافية والأدبية».
وأضاف مؤسس وراعي الجائزة، خلال مؤتمر صحافي شهد حضوراً ثقافياً وإعلامياً مكثفاً في «الحبتور بالاس» بدبي، أن الجائزة الجديدة ستسهم في تسليط الضوء بشكل أكثر على الشعر النبطي الذي تشتهر به منطقة الخليج العربي، خصوصاً قصائد «فتاة العرب» لما تحمله من مفردات وصور بليغة لدرجة أن من يقرأ قصائدها يفتن بخيالها الخصب».
وتابع «لقد أصبحت عوشة بنت خليفة السويدي أيقونة الكلمة والفكر لما تحتويه قصائدها من معانٍ عميقة مستوحاة من صحراء هذه الأرض المباركة، في الوقت الذي يأتي الإعلان عن هذه الجائزة تزامناً مع الذكرى المئوية لمولدها باعتبارها رمزاً إماراتياً مشرفاً وأيقونة لنساء الوطن».
كشف خلال المؤتمر أيضاً عن أعضاء مجلس أمناء الجائزة، والذي يضم كلاً من الدكتورة رفيعة غباش، رئيس مجلس أمناء الجائزة ومؤسس متحف المرأة، وعبدالسلام المرزوقي، أمين عام الجائزة، مدير إدارة الشؤون المحلية وعلاقات المجتمع في مجموعة الحبتور، إلى جانب عضوية الشيخ سالم بن خالد القاسمي الوكيل المساعد لقطاع تنمية المعرفة في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ووليد راشد الزعابي، من وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وهزاع أبوالريش، من صحيفة الاتحاد، وغيث مطر بن مزينة، مدير العلاقات الحكومية والتعاون الدولي في الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، وفهد المعمري، من هيئة الثقافة والفنون بدبي، والدكتورة نادية عبدالوهاب خوندة، الشاعرة والمترجمة من جامعة أم القرى السعودية.
وأعلن مجلس الأمناء عن عنوان الدورة الأولى من الجائزة وهو «له قوافي كالصخر ملسا»، المأخوذ من القصيدة التي ردت فيها الراحلة «فتاة العرب» على قصيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وتتضمن حقول الجائزة تكريم شخصية عامة لها إسهاماتها الفاعلة في مجال الأدب، يتم اختيارها من قبل مجلس الأمناء، إلى جانب جائزة تخصص لأفضل قصيدة نبطية في مجال مجاراة إحدى قصائد «فتاة العرب»، بشرط أن تحمل القصيدة المشاركة عنوان الدورة، وتلتزم بشروط وقواعد الشعر النبطي من ناحية وحدة الوزن والقافية، ولا يقل عدد أبياتها الشعرية عن 10 أبيات، ولا يتعدى 20 بيتاً.
كما أعلن عن جائزة أفضل دراسة أدبية في شعر عوشة بنت خليفة السويدي، وجائزة خاصة لطلبة المدارس تتمحور حول أفضل إلقاء لإحدى قصائد عوشة المحددة سلفاً.
ويبلغ إجمالي قيمة الجائزة الشعرية الجديدة 300 ألف درهم لجميع الحقول، بالإضافة إلى شهادة لكل فائز. وستمنح الجائزة كل عام، وتسلم للفائزين بعد أن يتم تحديد موعد سنوي من قبل أعضاء مجلس أمنائها.
من جهتها، قالت الدكتورة رفيعة عبيد غباش، مؤلفة السيرة الذاتية لـ«فتاة العرب»، ورئيس مجلس أمناء الجائزة لـ«الإمارات اليوم»: «تحت سماء دبي تنطلق جائزة جديدة تضاف إلى مجموعة الجوائز والأنشطة الموجودة في دولة الإمارات في حقول الأدب والثقافة والشعر، وهي جائزة لها خصوصيتها وفرادتها باعتبارها أول جائزة باسم امرأة في مجال الشعر، أطلقت بمناسبة مرور 100 عام على ميلاد هذه القامة الشعرية التي أغنت المشهد الثقافي من بداية أربعينات القرن الماضي وحتى الآن».
وأشارت إلى الدور الذي اضطلع به متحف المرأة في استعادة الدور الثقافي للشاعرة، بعد أن سكتت عن الشعر بداية من عام 1994، لافتة إلى قيمة وأهمية إطلاق جائزة تحفيزية للشباب وطلاب المدارس لقراءة وإلقاء قصائدها النبطية الأصيلة، ومن ثم إطلاق جائزة نقدية لكل الباحثين والمهتمين العرب بتناول ودراسة وتقييم ما قدمته «فتاة العرب» للشعر والمشهد الثقافي عامة في الإمارات.
بدوره، اعتبر أمين عام الجائزة عبدالسلام المرزوقي، أن المبادرة تعد نوعاً من التكريم لقامة شعرية وأدبية كبيرة ومدرسة شعرية قيمة واستثنائية في الذاكرة المحلية، ونقطة تحول في تاريخ الشعر، ما بوأها مكانة مضيئة بين أهم شاعرات الخليج العربي، لما تتمتع به من مكانة اجتماعية وأدبية مرموقة، متوقفاً عند دور خلف أحمد الحبتور وإنجازاته المتعددة في مجالات الثقافة والتعليم وخدمة المجتمع عامة، التي توجه اليوم بإعلانه إطلاق هذه الجائزة الشعرية الرفيعة التي ستسهم في انفتاح الأجيال المقبلة على الإرث الثقافي والفكري الكبير لدولة الإمارات.
يذكر أن الشاعرة الإماراتية عوشة بنت خليفة بن أحمد بن خليفة بن خميس بن يعروف السويدي، عُرفت بلقب «فتاة العرب»، واعتبرت أهم شاعرة معاصرة في الإمارات، وإحدى رائدات الشعر النبطي المحلي.
ولدت «فتاة العرب» بمدينة «المويجعي» في العين عام 1920، وسكنت في أبوظبي، ثم أقامت بعد ذلك في إمارة دبي، وكانت تعرف في ما مضى بلقب «فتاة الخليج»، لكن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اختار لها لقب «فتاة العرب» بعد أن كرمها وقلدها بوسام إمارة الشعر إعجاباً منه بموهبتها الفذة وأسلوبها المتميز في الشعر النبطي عام 1989.
صاغت الراحلة بأسلوبها العذب أكثر من 150 قصيدة نبطية، تنوعت أغراضها بين المديح، وحب الوطن، والمساجلات الشعرية، وتدوين حياة البادية والصحراء والبحر، في الوقت الذي أجمع المجتمع الإماراتي على حضور «فتاة العرب» كشاعرة الإمارات الأولى، فظل صوتها حاضراً في ذاكرة الطفولة التي شكلت هوية أغلب الشعراء الشعبيين اليوم، كما أسهمت في إيصال القصيدة الإماراتية إلى آفاق جديدة من الانتشار، إذ تعد قصائدها شواهد حية على تحولات اجتماعية وأدبية تاريخية في الإمارات ومنطقة الخليج العربي.