أبواب الورد

ابراهيم مبارك

في الحياة أبواب كثيرة، لا بد أن تعبرها، تبدأ بالميلاد ودخول عالم كله كفاح من أجل مرحلة جديدة، مسافات من الزمن، أيام تمضي بين مد وجزر، بين أفراح وتعب وألم وانتصارات وانكسارات. تأتي ثم تذهب أو تصعد بالإنسان إلى مراتب عالية وجديدة. منذ البدء تأتي لتعلن، حضورك، صرخة لفراق البطن الذي حملك، تأتي ابتسامة عذبة ملائكية بعد أن تطمئن التي حملتك تسعة أشهر، تمدك بالدفء وتحتضنك بين ذراعيها ليل نهار، توفر لك الحب والسلام والأمان. أول أبواب الحياة تبدأ بمعرفة، المحيط الصغير من حضن الأم إلى كفوف الأب والأهل والأحباب، تكبر قليلاً فتدرك أن بوابة مسكنك هي حضنك الدافئ ودار السلام.

 

بعد حين تبدأ اليد التي منحتك الدفء والحب والحياة ترشدك إلى عبور الأبواب، تلقنك وتصب في أذنك عبارة أن الدنيا فيها أبواب كثيرة وعليك أن تعبرها، قد تدركها منذ الصغر حتى وإن لم تتجاوز مرحلة الطفولة، وتمضي سعيداً وفرحاً بأن أول باب، يأتي بعد منزلك الصغير، باب جديد به وجوه جديدة، صغيرة وجميلة، فراشات زاهية ورائعة من صغار الروضة أو الفصول الأولى في المدرسة. كُثر يقبلون على هذه الأبواب الأولى الجديدة بفرح وسعادة، والقليل جداً لا يقبل أن يفارق باب منزله وحضن أمه أو أسرته. 

هنا تبدأ الحياة، إما بفرح أو توجس من الأبواب الجديدة، ولكن بعد مدة وبعد تجاوز بوابات المدارس والتعليم، يدرك ذلك الصغير ويعي أن الأيادي التي كانت تدفعه لاقتحام الأبواب الجديدة دائماً ما تنشد له الحياة الأفضل، وهي وحدها التي تسعد بأي نجاح يحققه في تجاوز أبواب الحياة. إنها الأم والأب والأسرة، التي مدته بالعزيمة والقوة والطموح والنجاح. لا تقفل الأبواب أبداً، وتجاوزها هو معنى الوجود والحياة. بعد مرحلة كان فيها لك سند والدك أو أسرتك، يأتي الكفاح المنفرد وهو أن تقتحم الحياة بقوة عملك وعقلك وفكرك وقوة ساعدك ويمينك. تبدأ وظيفتك في الحياة ودورك فيها، إنه عنوان وجودك وحضورك وأهميتك، في هذه الدنيا. من دون أن تملك ما تعلمته لن تكون لك قيمة أو وجود، وإن نشدت نجاحاً أكبر ومهماً لا بد أن تملك عزيمة وإرادة قوية في فتح أبواب جديدة. غداً تبدأ دورة جديدة في الحياة، تشرع كل أبواب المعرفة، تفتح أبواب التعليم من الروضة إلى الجامعات والمعاهد. جميل ورائع أن تشاهد الجميع يسعى منذ إشراقة الشمس، مصطحباً أزهاره الصغيرة ووروده الجميلة إلى رياض الأطفال والحاضنات، مشهد بديع وعظيم، رؤية الأبناء الصغار وهم يزاحمون جمال الورود والأزهار في الشوارع والطرقات التي توصل إلى بوابات المعرفة. الإمارات زاهية بصغارها وهم يطرقون أول الأبواب وكأنها باقات ورد. إنه المستقبل يبدأ من أول هذه الخطوات نحو الحياة. تشرق الشمس غداً بالأنوار وتغني العصافير في الطرقات وعلى الأشجار وخلف البوابات والأبواب المشرعة لكل جديد.

أبواب الورد

جريدة الخليج