(نقلا عن موقع يورنيوز)
في الوقت الذي تجاوز فيه عددُ الذي قضوا في إسبانيا جرّاء الإصابة بفيروس كورونا المستجد الثلاثة عشر ألف شخص، فإن عدد ضحايا هذه الجائحة في البرتغال بالكاد يتجاوز المئتي ضحية.
وعلى الرغم من أن سبب التفاوت في أعداد الضحايا داخل شبه الجزيرة الايبيرية أمرٌ لا يزال يلفّه الغموض، إلا أنّ ثمّة تفسيراً يبرز حين يتم الحديث عن عملية التطعيم الوطني ضد السلّ BCG الذي تنفذه الكثير من بلدان العالم بإعطائه لمواطنيها منذ عقود طويلة.
ويعدّ لقاح BCG هو لقاح بكتيري موجود منذ نحو مائة عام، ولا يزال يُعطى في الكثير من البلدان إلى يومنا الراهن، وله تأثير قوي ضد التهاب السحايا ومرض السل عند الأطفال إضافة لقدرته الفعّالة فلي حماية الجهاز التنفسي من الفيروسات والبكتريا.
وتكشف دراسة علمية جديدة وجود علاقة محتملة بين البلدان التي يكون فيها التلقيح ضد مرض السل BCG إلزامياً وبين حجم الأضرار التي يحدثها فيروس كورونا المستجد في هذا البلاد أو تلك.
وكتب مؤلفو الدراسة: “وجدنا أن البلدان التي ليس لديها برنامج للتطعيم بلقاح BCG، كما هو الحال في إيطاليا وهولندا والولايات المتحدة، قد تأثرت بشدة بفيروس كورونا مقارنة بالدول التي لديها سياسات تطعيم وطني منذ أمد بعيد”.
ويقول الباحث في معهد نيويورك للتكنولوجيا وأحد مؤلفي الدراسة غونزالو أوتازو، في حسابه على “تويتر” موضحاً: “ثمّة تقارير تفيد بأن (التطعيم بلقاح BCG) يمكن أن ينتج حماية واسعة ضد التهابات الجهاز التنفسي”.
ويتابع: “اطّلعنا على البيانات، ووجدنا أن الدول التي لم تنفذ مطلقا برامج التطعيم بلقاح BCG تضررت بشدة من فيروس “كوفيد-١٩”، مع تسجيل ارتفاع في عدد الوفيات بالنسبة لعدد المصابين”.
وأجرى أوتازو مقارنة بين مفاعيل جائحة كورونا على البلدان التي تطبّق على مواطنيها التطعيم الإلزامي بلقاح BCG، وبين تلك التي ليس فيها برنامج تطعيم وطني باللقاح المذكور.
فإيطاليا، الدولة التي سُجّل فيها أكبر عدد للوفيات بسبب “كوفيد-١٩” بواقع ١٣٩١٥ حالة، لم تطبق قط برنامج التطعيم الإلزامي ضد مرض السل، أما اليابان التي قضى فيها بسبب الجائحة نحو ٦٣ شخصاً فقط، فإن لديها برنامج تطعيم وطني صارم ضد مرض السل.
كما أجرى الباحثون مقارنة بين اليابان وإيران، ووجدوا أن الأولى تبنّت برنامج التطعيم الوطني الشامل في العام ١٩٤٧، بينما إيران التي سُجّل فيها أكثر من ٣٦٠٠ وفاة جراء جائحة كورونا، فقد اعتمدت التطعيم الوطني بلقاح BCG في العام ١٩٨٤،
وكتب المؤلفون: إن “الدول التي بدأت في وقت متأخر برنامج التطعيم بلقاح BCG، لديها معدل وفيات مرتفع، بما يتفق مع فكرة أن برنامج التطعيم الوطني يحمي الأشخاص المسنين المُلقحين”، مضيفين أن البلدان التي تنفذ برنامج التلقيح الوطني فقد تم سجّل فيها انخفاضٌ في عدد حالات الإصابة المبلّغ عنها.
ولعلّ البحث يعطي إجابة عن التباين الحاد في تأثير فيروس كورونا بين بين الدول الغربية والشرقية في أوروبا، ذلك أن برامج التلقيح الشامل ضد السل انتشر على نطاق واسع في دول الاتحاد السوفييتي السابق.
وفي السياق ذاته، يلاحظ أنه في الولايات الشرقية لألمانيا، التي كانت جزءاً من المنظومة الاشتراكية المنضوية تحت الحكم السوفيتي قبل أن تستعد ألمانيا وحدتها في العام ١٩٩٠، لديها، أي الولايات الألمانية الشرقية عدد أقل من حالات الإصابة بـ”كوفيد-١٩”، إذ يسجّل فيها إصابة واحدة لكل ١٠٠ ألف شخص، وفقاً للإحصاءات الوطنية لمعهد روبرت كوخ.
وفي إسبانيا، الدولة الثانية في العالم من حيث عدد الوفيات جرّاء الإصابة بفيروس كورونا، فإن منطقة واحدة فيها تخضع المواطنين لبرنامج التلقيح الإلزامي بلقاح BCG، وهي إقليم الباسك. وفقاً للمركز الإسباني لطب الأطفال.